الأربعاء، 20 يونيو 2018

طريق الشجر 1

هي القهوة المثلجة جنبي، جهازي مفتوح عالصفحة البيضا قدامي، والموسيقى الكلاسيكية عم تصرخ فيني صراخ، بحسها ملحمية.
وتلفوني المرمي جنبي عم يعطيني نظرة استخفاف وكأنه عم يقولي "اشوف شو بدك تعملي"
من الصبح وأنا عم بدور ع اشي اكتبه، اشي يعطيني فرصة إني أكتب بكرا.
حاولت إني أدور بين اوراقي ودفاتري ع شي عنوان كتبته ت يكون فكرتي الجاي، لكن دفاتري فاضية.
فتحت مذكراتي، صفحاتها بيضا، صوت السطور عم تصرخ فيني، رغم انه مكتوب عليهم بعضا من حروبي.
الحروب اللي طلعت منها خسرانة.
لكن كل خسارة كان إلها معنى وكان إلها حكمة.
وبما إني شخص يؤمن بوجود الحكم بكل مكان وبكل المواقف والحوادث وبكل الكلمات، وشخص يؤمن بقوة بالإشارات، هاي أول مرة ما بلاقي الحكمة بالعجز، عجزي إني أكتب.
الي ساعات طويلة بفكر بالموضوع الجاي، بالموضوع اللي بدياه يهزني هز، لكن ما في بجعبتي من شيء، سوى فراغ.
خلصت قهوتي المثلجة، خلصت الموسيقى الكلاسيكية، وتلفوني طفى خلص.
قاعدة بمكاني من الصبح.
لحد م لقيتها، بس بعد شو بعد م خلص الليل وطلعت شمس نهار اليوم التاني.
عجزت عن اني اكتب طوال الليل، مش إني فارغة بالعكس، بس لإني ما لقيت الفكرة المناسبة اللي يقأها الناس.
قمت من مكاني، طلعت ع شرفتي الوحيدة، ملاذي ومهربي الوحيد، بإيدي كوب القهوة رقم عشرة، رجعت شحنت تلفوني، لعلني أنشحن أنا كمان.
وتذكرت تفاصيل قديمة كتير، عالم واسع وخيالي.
شجر مليان بكل مكان، شمس عم تهدينا اشعتها بكل حب وهدوء.
ونسمات هوا باردة عم تنعشنا من اول وجديد.
تفاصيل يوم كتير قديم، بيني وبينه شي عشر سنين.
اخدت نفس عميق، كمان نفس عميق، وكمان نفس عميق.
سرحت بضو القمر اللي عم يتلاشى بالتدريج، شوي شوي عم اتلاشى انا كمان.
سرحت شوي بالشجرة الوحيدة اللي قدام البيت، ابتسمتلها، ابتسمتلي، لمستها بعيوني لمستني بجذوعها.
رجعتلي الذكرى، الذكرى القديمة، اقدم من عمري، اقدم من تجاعيد إمي، واقدم من لمسات ابوي.
وارتسمت الصورة ببالي.
ممشى، كله رمل أبيض ووردي، اوراق الشجر الي تساقطت بسبب الخريف عم تتمشى قبالي، والبحر، بيني وبينه شي كم متر بس، وشجر كتير.
شجر أخضر كبير.
سما زرقا، اشعة الشمس بحب عم تلمس ملامح وجهي الهزيل.
وانا عم بركض متل كأني بشي فيلم، بشي حلم، بالتصوير البطيء.
بضحكة طفولية مسموعة لكل اللي بالمكان.
لكن ما كان في حدا بالمكان، كنت لحالي، 
مسكت ورقي وقلمي وكتبت 
"كنت اشعر بالضياع والحب في الوقت ذاته، اعرف انني لم اكن اشعر بأنني تائهة، بل أكملت الطريق وحدي بين الشجر،"
مسحت اللي كتبته، مزعت الورقة، رميت القهوة بعيد عني، صار التيشيرت كله مطبع بالقهوة.
ويالها من صدفة خيالية عجيبة، ارتسمت صورة الممشى الابيض على التيشيرت، وعلى جوانب هالطريق.....كان في شجر كتير...شجر أخضر كبير..سما زرقا...اشعة شمس دافية، وانا..

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق