على سريري عنكبوت
الغرفة معتمة، حتى شمعتي التي اعتدت على
اشعالها كل ليلة قد ذابت واختفت كانها تلاشت ك بخار.
لا شيء يدوم للأبد حتى توافه الامور، ولا حتى
الأشخاص، لا أحد فيه يدوم لأحد.
آمنت بالكثير، وتوقفت عن الإيمان بالكثير،
حتى تفاصيل وجهي ما عدت اؤمن بها.
لا أصدقاء لي، سوى لك العنكبوت الذي بنى عشه
الهش قبل يومين فوق سريري، أجزم أنه ذكر.
لا اعرف سبب هذا الجزم، لكن أعتقد ان الفرق
بين الذكر والأنثى بينهما واضح جدا.
"ما علينا"، أهم شيء أن لا يقترب
مني، فأنا منذ طفولتي كنت أحب العناكب، حتى أنني كنت شجاعة، أما الآن فأنا امتلك
خوفا رهيبا منهم.
رغم العنكبوت الذي يسكن غرفتي، أعرف أنه سوف
يبقى، لا لإنني لم أتخلص منه، بل لأن غرفتي مهجورة منذ أعوام.
لا أحد يزورها سوى روحي، حتى جسدي ما عاد
يلامس أطراف الباب، ولا عادت عيناي تتأمل سقف الغرفة ولا الجدران.
رغم انني بصمت ملامح الجداران، وأبواب
خزانتي، وأطراف مكتبي، وأحن الى صوت الموسيقى الذي كان يصدح في البيت كل صباح على
تلك "المسجلة"، كانت خاصتي، تخصني انا فهي هدية لي، كم كنت قبلها أتمنى
امتلاك واحدة كبقية الفتيات والفتيان، وما إن حصلت عليها حتى هجرتها دون قصد مني.
أكره الإشتياق لكنني مضطرة لأن أشتاق، اكره
الحنين لكنني مرغمة على أن أحن وأجن.
علي أن أتوقف عن التفكير الآن بما أفكر به كل
ليلة.
اشعر بالحاجة تلح علي، اشعر بمشاعر متضاربة.
"يا علينا وعلى مشاعري"، افكر بما
حصل، أعيد مشاهدة نفس المشاهد كل ليلة، هناك شيء ما ناقص، حلقة وصل غير موصولة،
مقطوعة، ينقصني شيء ما، شيء ما يربطني بما فقدته.
لكن مشكلتي أنني الآن اتساءل ماذا يفعل
العنكبوت في بيته الجديد، هل تراه ينتظر عودة صاحبة السرير كي يحادثها عن يومه،
وكيف كاد أن يتشاجر مع عنكبوت آخر بسبب أنثى عنكبوت، وكيف كان طوال الوقت يبحث عن
مكان مناسب لعشه الهش.
هل تراه يبحث عن وجه مألوف في ذلك البيت!.
أم انه لا يريد معرفة أحد سوى نفسه.
هل تراه يحدق بصورته في المرآة الحائطية
القريبة من الباب، أم أنه يبحث عن شيء ما يأكله، أم أنه يعتقد ان الصورة التي في المرآة
مجرد عنكبوت آخر عابر سبيل!.
لكن....أنا أريد ان أصادق ذلك العنكبوت،
لأخبره بما بداخلي، وبما اعتقده عن البشر، لأنه مجرد عنكبوت لن يفهم ما أقول.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق