مسار مختلف
لم أكن شخصا يعرف كيف يتعامل مع البشر دون أن
يخجل ولو لدقيقة.
كنت أخاف من الناس، لا بالمعنى الحقيقي لكلمة
خوف، بل كان توتراً واضحا، وكان عقلي يرفض التحدث، وقلبي كان يرتعش خوفا من المرات
الأولى، من المقابلات الأولى، ومن الإنطباعات الأولى.
كان يخاف عقلي أن يقال عني أنني ضعيفة شخصية،
لست جريئة ولا شجاعة برغم أن برجي هو الأسد، ويعرف هذا البرج بقوة شخصيته وشجاعته
في المواقف كلها، وأنه بقلب أسد.
إلا أنا، اشعر بل اعرف أنني مختلفة عن
البقية.
لا استطيع أن احدق بعيني أحد، خوفا من أن
أكشفهم، أكشف دواخلهم، فالعيون في بعض الأحيان تكشف ما يخبئه الشخص بعيدا عن أعين
البشر، لكنني أنا كنت قادرة على أن أكشف ما يكتمونه البعض من مشاعر مختلفة تماما
عما يظهرونه امام الغير.
لقد كنت دوما شخصا غير قادر على أن يلملم
شتات نفسه، على أن يجمع ما تاه منه وما خسره في لحظات عابرة سريعة.
كنت دوما عابر سبيل في حياة كل من عاشروني،
رغم ان الوقت الذي قضيناه سويا يكفي لأن يقال عنا اننا اصدقاء، لكن الوقت لم يكن
أبدا مقياس الصداقة، لهذا اعتبر نفسي عابرة سبيل في حياة كل من قرروا أن يبتعدوا
عني بإرادتهم، وأن يسلكوا طريقا مختلفا عن طريقي.
كل ما كنت افعله ليس بغيرة من شخص يحمل نفس
القدرات، بالنسبة لإختي هو كذلك، أنني اشعر بالغيرة من فلان لأنه يستطيع أن يحلل
المرء لمجرد أن يجلس معه لمرة واحدة أو أن يراه من بعيد، و أنني اشعر بالغيرة من
تلك الأنسة لأنها فقط استطاعت أن تحلل شخصيات كل من حولها بمجرد النظر إلى اعينهم
ايضا.
لكنني لا اشعر بالغيرة منهما، ولا من غيرهما،
كل ما في الأمر أنني اريد أن اكون مثلهما، قادرة على ان اكون مختلفة عن البقية،
وبمجرد أن اجلس بين جماعة ان يقال عني أني خارقة للطبيعة.
لكن الأمر لم يكن ابدا غيرة كما كانت تقول لي
أختي، ومالي بكلامها!
انا الآن في عامي الواحد والعشرين، عاطلة عن
العمل، انقطعت عن الدراسة في سن مبكرة، لكن الدراسة والتعليم لم يكونا ابدا عبارة
عن تعليم في المدرسة او حتى في الجامعة.
فأنا توقفت عند الثانوية العامة، وبعدها
بفترة تسجلت في الجامعة لأدرس لمدة عشر شهور دبلوما للتصميم الجرافيكي، ونجحت به بعد
ان كنت اشعر بالخوف من ان افشل ، وبصراحة أعرف نفسي، لم اكن مبدعة به قط، لأنني
رغم أنني شخص خياله واسع جدا وله نظرة في بعض الامور، الا انني لست مبدعة بما
يتعلق بالفن، وهذا المجال يحتاج الى لمسة فنية وانا لا امتلك تلك اللمسة.
يا الهي، التحدث عن تلك الامور السخيفة
يشعرني بأنني اريد ان اكون واعية.
الافكار المرعبة تقطر بدخلي، واصوات كثيرة
تضج في داخلي ولا اعرف لها خلاص.
لكن رغم تلك الفوضى من حولي، ورغم تلك الفوضى
من داخلي سأكمل الكتابة قبل ان ينقض الشبح علي الليلة.
لقد قابلت الكثير من الناس في حياتي، والكل
غير مرتاح، وحتى لو أظهروا لنا تلك الراحة والسعادة فهم في الاغلب يقنعوننا بذلك.
لكن ان تكون مرتاحا لا يعني أن تبتسم فحسب في
وجوه كل من تراهم، أو أن تقنع صديقك مثلا بأن لا شيء يهمك، ولست مهموما، ولا تمتلك
مشاكلاً تعرف أنها عظيمة بالنسبة لك، لكن بالنسبة لغيرك هي مجرد مشاكل.
كنت حينما اشكو لإحدى صديقاتي، كانت تضحك،
وكنت أندم بشدة، لكنني كنت من النوع الذي يشكو دائما، ويحب أن يكون في دور الضحية،
لإنني اشعر بأن راحتي في هذا الدور، لم اكن امثل للعلم.
لكنني كبرت على أن اكون مستاءة، غير مرتاحة،
ودوما اعيش في دراما، واشعر أنني تائهة وانني اعذب نفسي واضغط عليها بسبب ما فعلته
.
لكنني امتنع قبل ان اعذبها بشدة، فصرت ادللها
دلالا كبيرا واحبها حبا جماً.
لم يقنعني شخص واحد فحسب، بل عدة اشخاص، ومن
ضمنهم أنا.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق